الرصاص ‘‘الإسرائيليّ‘‘ ومطاردة الصحفيين
موقع الوقت , 18 كانون الأول 2023 10:17
اسلام تايمز (فلسطين المحتلة) - يُظهر اهتمام الصحفيين والمصورين الذين يغطون الحروب والأحداث الخطيرة دائمًا بارتداء خوذ وملابس مضادة للرصاص، حيث يرتدون كلمة "صحافة" بأحرف كبيرة على صدورهم وظهورهم، سعيًا للحماية وتأكيدًا على انتمائهم لهذه المهنة الشريفة، القاعدة المعتمدة والمتفق عليها هي التعاطي بحيادية مع هؤلاء الذين يضحون بأرواحهم من أجل الكشف عن الحقيقة، إلا في حالة الاحتلال الإسرائيلي.
وحيث أصبحت كلمة "صحافة" تعني استهداف صاحبها وقتله على الفور، وقبل أسبوعين، شيّعنا الزميلين فرح عمر والمصور ربيع المعماري من فريق قناة "الميادين" أثناء تغطيتهما للقصف الإسرائيلي للقرى اللبنانية في الجنوب، وبعد عدة أيام من تشييع الزميل عصام عبد الله، المصور لوكالة "رويترز" العالمية، الذي تعرضت سيارته مع زملائه للقصف في جنوب لبنان، حيث قتل وأُصيب تسعة آخرون بشظايا صواريخ مسيرة إسرائيلية استهدفتهم بشكل متعمد.
دعم شعبي كبير للصحفيين
أبدى كثيرون حزنهم العميق للزميل وائل الدحدوح، مراسل قناة "الجزيرة"، وتأثرهم الشديد بخبر استشهاد مصورها سامر أبو دقة الذي قضى بشظايا صاروخ إسرائيلي بشكل متعمد، يتسم هذا الحادث بالدمويّة المؤلمة، وأدانوا تصعيد العنف الإسرائيلي الذي يستهدف الصحفيين بشكل خاص، وشددوا على أن هذه الحوادث ليست جديدة، وتأتي في سياق سابق من اغتيالات الصحفيين التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وقدموا التعازي الحارة لأسرة الشهيد سامر أبو دقة ولكل الصحفيين في قناة "الجزيرة"، كما تمنى رواد وسائل التواصل الشفاء العاجل للصحفي وائل الدحدوح الذي أصيب بجروح متوسطة، يظل الدحدوح "أيقونة" في عالم الصحافة، حيث استمر في مواجهة التحديات وتغطية الأحداث بشجاعة وإصرار، حتى في ظل خسارته المأساوية السابقة.
وفي الوقت الذي عبروا فيه عن وقوفهم مع وائل الدحدوح وكل الصحفيين الذين يواجهون التحديات ويخاطرون بحياتهم لنقل الحقيقة إلى العالم، يشير هذا الحادث إلى حاجة ماسة لحماية الصحفيين وإدانة أعمال العنف ضدهم، وفي تل أبيب، حيث ارتكب جيشها مجازر وحرب إبادة وتطهيرًا عرقيًا في قطاع غزة منذ حوالي 70 يومًا، يظهر جيشها بثقة تامة بوصفه الأول على مستوى العالم في اغتيال الصحفيين وانتهاك حقوقهم، حصيلة هذه الحملة العسكرية المدمرة تتجاوز حوالي 20 ألف شهيد ونحو 55 ألف جريح، إلى جانب تدمير نصف منازل قطاع غزة.
تل أبيب والحرب المفتوحة ضد الصحفيين
جيش الاحتلال قام باغتيال 89 صحفيًا منذ بداية الحرب في قطاع غزة، واعتقل ثمانية آخرين، وفقًا لتوثيق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، هذه الاغتيالات لا يبدو أنها ستتوقف، حيث تظهر وجود خطة إسرائيلية لترهيب الصحفيين ومهمتهم في نقل الحقائق وإلقاء الضوء على جرائم الحرب والتنكيل بالشعبين اللبناني والفلسطيني، ويُعتبر هذا التصعيد العسكري ضد الصحفيين جزءًا من استراتيجية لكتم الأصوات وتغطية الجرائم التي ترتكب ضد الشعبين المظلومين، الدور المهم للصحافة في نقل الحقائق وكشف الانتهاكات يعتبر تحديًا للسلطات الإسرائيلية التي تسعى إلى إخفاء واقع المأساة وتشويه الصورة الدولية لأفعالها.
وفي تاريخ الحروب، لم يسبق أن شهدنا قصفًا للمستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد، ولا قذفًا بالمرضى، وتشريد الأطفال إلى الشوارع، وقطع كل إمدادات الدواء والغذاء والماء والطاقة عن المدنيين العزل، ومنع إخراج الضحايا من تحت الأنقاض، إلا في هذه الحرب الإسرائيلية المستعرة في قطاع غزة، وذلك بدعم مباشر ومشاركة من قبل الولايات المتحدة، زعيمة العالم الحر والداعية لحقوق الإنسان في العالم.
رصاص الترهيب وشظايا الصواريخ الإسرائيلية لن تثني الصحفيين في غزة والضفة ولبنان عن مواصلة مسيرتهم المقدسة في تمزيق الأقنعة وإظهار وجوه الحقد والكراهية والتعطش لسفك دماء الأطفال والنساء والمسنين على حقيقتها، إنهم يسعون إلى إيصال الحقيقة بكل تفاصيلها البشعة إلى كل مكان في العالم، ولنتذكّر ونرحم جميع الشهداء، وضحايا النازية الإسرائيلية، سواءً كانوا من أبناء المهنة أو عائلاتهم وأحبائهم في غزة والضفة وجنوب لبنان، وكل المناطق التي شهدت الظلم والعدوان، ندعو بالشفاء العاجل للمصابين، ونضع في صلواتنا الزميل الصحفي وائل الدحدوح، الذي أصيب في هذه الأحداث الصعبة، جميع الزملاء الذين يعملون في ميادين المعارك هم شهداء بحد ذاتهم.
وفي الختام، نقول إن الزميل الصحفي الفلسطيني سلمان البشير، الذي قرر خلع ملابس الحماية وتمزيق كلمة "صحافة" التي كانت تتصدر ظهره، قد قدم تعبيرًا قويًا وشجاعًا، إنه رد فعل قوي أمام عدو لا يلتزم بأي أخلاق أو قيم أو إنسانية، والذي يستمتع بقتل رجال الصحافة، نقول للزميل سلمان البشير: "لقد أصبت كبد الحقيقة ولخصت جرائم الجزّارين بطريقة تشخيصية قوية".
استهداف خطير للغاية
إن استهداف الصحفيين والبنية التحتية للاتصالات في قطاع غزة من قبل الجيش الإسرائيلي يُعتبر أحد أولويات هجماته، ما يعكس رغبته في تقويض قدرة وسائل الإعلام على نقل الأحداث والجرائم التي يرتكبها، ويظهر الاستهداف المتكرر لهذه البنية التحتية رغبة في محاولة إلقاء الظلام على الأحداث وتشويه الصورة اليومية للجرائم التي تُرتكب ضد الشعب الفلسطيني، ويتعارض ذلك مع حق الرأي العام العالمي في معرفة الحقائق والتوعية بالوضع الإنساني في المنطقة، ويُظهر الاتجاه العام للاستهداف أن هناك محاولة لتعتيم الجرائم التي تقوم بها "إسرائيل" وتقوية فرص الإفلات من العقوبة للمرتكبين، لذلك، يصبح من الضروري ملاحقة ومحاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم للتأكيد على المساءلة وتقديمهم إلى العدالة، الجرائم ضد الصحفيين ووسائل الإعلام لا تُحفز فقط استمرار الاحتلال في ارتكابها، ولكنها تسهم أيضًا في تكرار الانتهاكات ضد حقوق الإنسان.
والصحفيون في مناطق المواجهات، وخاصة في قطاع غزة، يواجهون عقبات وعراقيل خطيرة، حيث يقوم الاحتلال بعزلهم وإقامة حواجز عسكرية أمامهم ويمنعهم من التغطية الصحفية، ما يضعهم في موقف صعب، بالإضافة إلى ذلك، تتعرض وسائل الإعلام والصحفيون للاعتداءات والهجمات من قبل المستوطنين، حيث يتعرض بعض الصحفيين للهجوم الجسدي وتكسير معداتهم، ناهيك عن فرض الرقابة على ما يتم تسجيله وتصويره بعد الخروج.
ويظهر نمطًا متعمدًا من الاعتداءات واغتيال الصحفيين الفلسطينيين من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وقد تم توثيق العديد من الحالات التي تشمل الاعتداءات والجرائم الموجهة ضد الصحفيين ووسائل الإعلام في قطاع غزة، حماية حقوق الصحفيين وتوفير بيئة آمنة للتغطية الصحفية يعدان ضروريين، ويجب محاسبة أولئك الذين يرتكبون جرائم ضد الصحفيين وتقديمهم للعدالة، هذا النوع من الاعتداءات يشكل تهديدًا لحرية الصحافة وحقوق الإنسان ويخالف القانون الدولي.
ولا شك أن حماية حرية الصحافة وسلامة الصحفيين تمثلان أمورًا بالغة الأهمية، ويتعين على المجتمع الدولي العمل بقوة للحد من هذه الانتهاكات وتوفير بيئة آمنة للصحفيين والصحفيات، حتى يتمكنوا من أداء مهمتهم دون خوف من العقوبات أو الاعتداءات، وتلك الجرائم تشكل انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان وتتعارض مع القانون الدولي، عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية كشفت جرائم الكيان بحق الصحفيين في مناطق متعددة داخل الأراضي المحتلة، وبينما تستند هذه العملية إلى المقاومة والصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي، تؤدي إلى سقوط ضحايا وإصابات كثيرة في صفوف المدنيين الفلسطينيين.
في الختام، يظهر بوضوح أن الصهاينة يسعون إلى إسكات كل من يكشف عن جرائمهم الشنيعة، والدليل على ذلك يأتي من التقارير الإعلامية التي تشير إلى أن عدد الشهداء قد تجاوز 18 ألف شهيد، وأصيب أكثر من 50 ألفًا نتيجة للعمليات العسكرية الإرهابية للكيان، وهذه الأرقام تُظهر أزمة إنسانية خطيرة في المنطقة، ما يجعل من الضروري وقف العمليات العسكرية وتحقيق الهدنة وتقديم المساعدة الإنسانية للمدنيين المتضررين، وينبغي على المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته في وقف التصعيد الإسرائيلي الإرهابي والمساهمة في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، محاسبة "إسرائيل" تعتبر الوسيلة الأمثل لإيقاف شلال الدم الفلسطيني وإعادة بناء المناطق المتضررة وحماية حقوق الإنسان وحياة المدنيين.
رقم: 1103291