0
الثلاثاء 28 تشرين الثاني 2023 ساعة 10:20

أسلوب حماس في تبادل الأسرى... ما هي الرسائل؟

أسلوب حماس في تبادل الأسرى... ما هي الرسائل؟
بدأ اتفاق وقف إطلاق النار، الذي توسطت فيه قطر ومصر، صباح الجمعة الماضي، وبموجب اتفاقات الجانبين تم إطلاق سراح 50 أسيرًا صهيونيًا لدى حركة حماس، مقابل إطلاق سراح 150 فلسطينيًا من سجون الاحتلال، كما يتم إرسال مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والأدوية والوقود إلى كل مناطق قطاع غزة.

وحسب الاتفاقيات المبرمة، كان من المفترض أن يتم تبادل الأسرى بين حماس والكيان الصهيوني على أربع مراحل، وقد تم إطلاق سراح معظم الأسرى في الأيام الثلاثة الماضية.

في اليوم الأول لوقف إطلاق النار في جنوب غزة، تم نقل 13 أسيرًا صهيونيًا، جميعهم نساء وأطفال، من قطاع غزة إلى معبر رفح الحدودي على الحدود المصرية مع قوات الصليب الأحمر، وفي المقابل تم تسليم 39 أسيراً فلسطينياً لقوات حماس.

وفي المرحلة الثانية، التي جرت مساء السبت الماضي، تم تبادل 14 أسيراً إسرائيلياً مقابل 42 أسيراً فلسطينياً، إلا أن كتائب القسام أطلقت في هذه المرحلة سراح الأسرى الصهاينة متأخرةً بضع ساعات، احتجاجاً على عدم التزام الکيان الصهيوني ببنود الاتفاق المتعلقة بدخول شاحنات الإغاثة إلى شمال غزة، لتظهر أنها لن تتخذ خطوةً لتنفيذها، إذا لم يحترم الکيان الاتفاقات.

واللافت في جولة تبادل الأسرى هذه، أن حماس غيرت مكان التبادل وتم تبادل الأسرى في مدينة غزة شمال هذه المنطقة، وهذا يدل على أن الأسرى كانوا محتجزين في مدينة غزة، وأن التبادل في هذا المكان يدحض ادعاء الصهاينة بالاستيلاء على الجزء الشمالي من قطاع غزة.

كما تم تنفيذ المرحلة الثالثة من عملية تبادل الأسرى مساء الأحد الماضي، وحسب مركز فلسطين للإعلام، فقد تم في هذه المرحلة إطلاق سراح 39 طفلاً ومراهقًا فلسطينيًا، قضى معظمهم سنوات خلف القضبان.

وأعلنت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، أنها سلمت 13 أسيراً إسرائيلياً آخرين، و 3 أسرى تايلانديين وأسيراً روسياً للصليب الأحمر، ضمن المرحلة الثالثة من عملية تبادل الأسرى مع الكيان الصهيوني، وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن من بين الأسرى الإسرائيليين 9 أطفال و4 نساء.

ومع انتهاء المرحلة الثالثة من تبادل الأسرى، أكد مكتب رئيس الوزراء الصهيوني في بيان له أنه تلقى من حركة حماس قائمةً بأسماء 11 أسيراً سيطلق سراحهم من قطاع غزة اليوم، ضمن المرحلة الرابعة من صفقة التبادل، ومساء الاثنين، تمت المرحلة الأخيرة من التبادل بين الجانبين، حيث يعود 33 فلسطينياً آخرين إلى عائلاتهم.

تظهر مقاطع الفيديو والصور الخاصة بالأسرى الفلسطينيين المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، عودة الأطفال والفتيان الفلسطينيين المحررين إلى ذويهم وسط ترحيب حار ورائع من الفلسطينيين، وفي تصريحاتهم بعد إطلاق سراحهم، شكروا كتائب القسام وحماس على تضحياتهم التي مهدت لإطلاق سراحهم.

هذه المشاهد السعيدة في غزة، حتى في خضم موجة الدمار والقتل، تظهر أنه خلافاً لادعاءات الصهاينة الذين يقولون إن الفلسطينيين لا يقبلون حماس، فإن المقاومة في غزة تتمتع بقدر كبير من الشرعية، والوجود الكبير لكتائب القسام في غزة خلال عملية تبادل الأسرى يشير أيضاً إلى ذلك.

ويظهر شريط فيديو نشرته كتائب القسام، عملية تسليم المعتقلين في ساحة فلسطين، بحضور عشرات المدنيين الفلسطينيين وعناصر ملثمين من حركة حماس.

ونظرًا لأن العديد من الأسرى الصهاينة كانوا من النساء والأطفال، فقد قامت المناضلات الفلسطينيات اللاتي يرتدين النقاب بهذا التبادل، وحتى الأفلام المنشورة تظهر أن المقاتلين الفلسطينيين يعاملون الأسرى الصهاينة بشكل جيد للغاية، ولهذا السبب كان الأسرى الصهاينة يودعون قوات حماس بوجه مبتسم أثناء عملية التبادل.

هذا في حين أن معاملة الاحتلال للأسرى الفلسطينيين هي معاملة غير إنسانية للغاية، وانتقدت المؤسسات الحقوقية مراراً وتكراراً أوضاع الأسرى في السجون الإسرائيلية.

والموضوع الآخر هو مكان تسليم الأسرى الذي تم تنفيذه بطلب من حركة حماس في شمال غزة، حيث ادعت سلطات تل أبيب في الأسابيع الأخيرة أنها تمكنت من السيطرة عليه بشكل كامل، وكان وجود كتائب القسام وسط المدنيين وموجة الشعارات الداعمة للمقاومة، بمثابة رسالة لقادة الصهاينة بأنهم لن يسمحوا للاحتلال بالسيطرة على هذا القطاع.

مساعٍ لتمديد وقف إطلاق النار

رغم عدم نشر أي أخبار عن الاتفاقات بين الجانبين بشأن استمرار وقف إطلاق النار، إلا أن بعض الأطراف الأجنبية، بما في ذلك قطر، تحاول مواصلة هذه العملية من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وفي هذا الصدد، قال مسؤول أمني إسرائيلي لرويترز الأحد، إن الموساد يستضيف نظراءه القطريين لبحث إطلاق سراح السجناء الذين تحتجزهم حماس وعناصر أخرى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي توسطت فيه الدوحة.

وفي إشارة إلى أن ضباط المخابرات القطرية دخلوا الأراضي المحتلة يوم السبت لإقامة غير محددة، أضاف المسؤول إنه على الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بين الدول، فإن التعاون بين وكالات الاستخبارات يكون وثيقًا تقليديًا، وقال مصدر مطلع إن عدداً من القطريين في الکيان الإسرائيلي يعملون أيضاً بشكل متزامن مع غرفة العمليات في الدوحة، لتعزيز التنسيق أثناء العملية والتأكد من سير العملية بسلاسة.

كما طلبت منظمة الصليب الأحمر استمرار وقف إطلاق النار المؤقت وتبادل الأسرى في قطاع غزة، بهدف إيصال المزيد من المساعدات الطارئة إلى هذه المنطقة.

وقال باسكال هانت، مدير الاستجابة للأزمات في الصليب الأحمر، في مقابلة مع سكاي نيوز: "إن ظروف السكان والوضع في هذه المنطقة مزرٍ للغاية، لدرجة أننا نحتاج إلى مواصلة وقف إطلاق النار حتى يتسنى دخول المزيد من الشاحنات، والمزيد من المساعدات الطارئة إلى غزة، ولهذا السبب، ورغم أنني لست متأكداً ومطلعاً، إلا أنني آمل حقاً أن يستمر كل شيء دون أي مشاكل كما رأينا خلال العمليتين السابقتين".

وأضاف: "إن سكان غزة يعيشون في ظروف لا أستطيع حتى وصفها، لأنني لم أر مثل هذا الوضع طوال حياتي في الخدمة للصليب الأحمر، إن تمديد وقف إطلاق النار أمر حيوي لكل من السكان والسجناء".

وسبق أن قالت سلطات تل أبيب إنها ستمدد وقف إطلاق النار يوماً واحداً مقابل إطلاق سراح کل عشرة أسرى صهاينة، وهکذا إذا أرادت حماس والجهاد الإسلامي إطلاق سراح 190 سجينًا آخرين في هذا الوقت، فسيتم تمديد فترة وقف إطلاق النار.

لكن فصائل المقاومة جعلت إطلاق سراح بقية الأسرى مشروطاً بإطلاق سراح كل الأسرى الفلسطينيين المحتجزين لدى الکيان الإسرائيلي، والذي يسجن أكثر من 5000 شخص، وهو الأمر الذي يعارضه الصهاينة بشدة.

يشعر قادة حماس بالقلق من أنه مع إطلاق سراح السجناء الصهاينة بالكامل، فإن المحتلين، الواثقين من عدم وجود أسرى لدی الفلسطينيين، سوف يقصفون غزة بأكملها بشدة.

الآن، الأسرى هم ورقة المقاومة الرابحة، ويمكنهم استخدام هذه الورقة للحصول على المزيد من الامتيازات من الکيان الإسرائيلي، لأن المسؤولين في تل أبيب، ومن بينهم يوآف غالانت، وزير الحرب في هذا الکيان، زعموا أنهم فور انتهاء وقف إطلاق النار، سيستأنفون الهجمات بكثافة كبيرة لاستكمال مشروعهم لتدمير حماس.

ولذلك، فإن قوى المقاومة لا تثق في وعود الصهاينة، والاحتفاظ بالأسرى الصهاينة قد يخفف من وطأة هجمات الکيان على قطاع غزة، ولن تطلق المقاومة سراح الأسرى إلا بعد أن تتأكد من وقف الصهاينة لهجماتهم بشكل كامل.

مخاوف تل أبيب الأمنية

رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رحب الأحد بتمديد وقف إطلاق النار اليومي مقابل إطلاق سراح کل عشرة أسرى صهاينة، إلا أن سلطات هذا الکيان تعتبر تمديد وقف إطلاق النار فرصةً لحركة حماس لإعادة بناء قوتها العسكرية.

ويشعر الصهاينة بالقلق من أنه في حال عدم وجود معارك، ستنتشر حماس في جميع أنحاء غزة، وخاصةً المناطق التي سيطر عليها الاحتلال، وإذا بدأت جولة جديدة من الحرب فسوف تلحق الضرر بهم من كل جانب، وستكون خسائر جيش الاحتلال خلالها أكبر بكثير من ذي قبل.

من ناحية أخرى، وبما أن معظم السجناء المتبقين في أيدي حماس هم مواطنون إسرائيليون، فإن سلطات تل أبيب تشعر بالقلق من أنه إذا استمر وقف إطلاق النار، فسوف تنقلهم حماس إلى خارج غزة، وخاصةً إلى لبنان، حتی أنه في حال حدوث صراعات، سيتم الاحتفاظ بهؤلاء السجناء في مكان آمن، ليمكنهم في المستقبل استخدامهم للضغط على حكومة نتنياهو المتطرفة.

ورغم كل ذلك، فإن السلطات السياسية والأمنية في الکيان الإسرائيلي، خلافاً للادعاءات الظاهرة، لا تريد مواصلة الحرب مع حماس بسبب الهزيمة أمام فصائل المقاومة في غزة، لأنه على الرغم من إنفاق الكثير من الأموال، إلا أنهم لم يفشلوا في تدمير حماس فحسب، بل فشلوا أيضًا في اكتشاف أنفاق حماس، والمكان الذي كان يحتجز فيه الأسرى تحت أقدام المحتلين في مدينة غزة.

ومع تزايد موجة المعارضة العالمية لهجمات تل أبيب على غزة وقتل المدنيين، يسعى الصهاينة إلى الخروج من هذه الأزمة من خلال تمديد وقف إطلاق النار، وفي الظاهر يحاولون التلميح لفصائل المقاومة والمجتمع الدولي بأنهم لا يعتزمون قتل المدنيين، لكن في الأساس ليس لديهم القدرة على مواصلة الحرب، ومع الفجوات التي نشأت بين قوات الأمن وحكومة نتنياهو، سيكون من الصعب على الاحتلال مواصلة الحرب.

صحيفة هآرتس أعلنت السبت الماضي في تقرير لها أنه بعد توقف قصير في الحرب في غزة، لا تستطيع قوات الجيش مواصلة القتال كما كانت من قبل، وبالتالي فإن قادة الجيش يبحثون عن وقف دائم لإطلاق النار.

ومن ناحية أخرى، فإن استمرار الحرب حتى دون تحقيق إنجازات ملموسة، سيزيد من حدة الاحتجاجات داخل الأراضي المحتلة، وستوسع عائلات الأسرى الصهاينة معارضتهم، كما حدث في الأيام الأخيرة، حيث تجمع المتظاهرون أمام مقر إقامة نتنياهو في القدس، مطالبين باستقالته من السلطة.
رقم : 1098691
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم